
الميلاد والنشأة
ولد أسامة بن محمد بن عوض بن لادن في الرّياض في السعودية عام 1957، لأب ثري وهو محمد بن لادن و كان يعمل في المقاولات وأعمال البناء بعدما وصل إلى جدة بالمملكة العربية السعودية من مدينة حضرموت باليمن عام 1930 تقريبا.
وترتيب أسامة بين إخوانه وأخواته هو 17 من أصل 52 أخ وأخت، درس في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وتخرج ببكالوريوس في الاقتصاد، فيما تتحدث بعض التقارير أنه نال شهادة في الهندسة المدنية عام 1979 ليتولى إدارة أعمال شركة بن لادن وتحمّل بعض من المسؤولية عن أبيه في إدارة الشّركة، وبعد وفاة محمد بن لادن والد أسامة، ترك الأول ثروة لأبنائه تقدّر بـ 900 مليون دولار.
بن لادن والجهاد
النشأة المنزلية تكاملت مع الفترة الدراسيّة الجامعية أثناء تلقيه علوم الإدارة العامة في جامعة جدة، حيث اطلع على أنشطة التيارات الإسلامية المشهورة، وتعرف إلى كثير من الشخصيات الإسلامية، وكان لشخصيتين الأثر الأكبر في حياته، هما محمد قطب والشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة.
العلاقة مع الشيخ عبد الله عزّام خصوصاً كانت فاتحة «المرحلة الجهاديّة» في حياة الشيخ أسامة بن لادن، التي تبلورت أكثر مع الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في عام 1979.
وخلال الأسابيع الأولى للغزو، رتب الشيخ أسامة بن لادن مع الجماعة الإسلامية الباكستانية رحلة إلى باكستان، حيث أصطُحب من كراتشي إلى بيشاور، وهناك قابل مجموعة من قادة «المجاهدين»، الذين كان بعضهم يترّدد على منزل والده في فترة الحج.رحلة استكشافيّة استمرت شهراً، عاد بعدها إلى السعودية، حيث عمل على جمع التبرعات الماليّة والعينيّة للمجاهدين، حملها معه في الرحلة التالية، التي اصطحب فيها عدداً من الباكستانيين والأفغان الذي كانوا يعملون في شركات بن لادن، إذ كان يكتفي بنقل التبرعات والمقاتلين العرب والباكستانيين والأفغان إلى المخيمات على الحدود مع أفغانستان،
دخول أفغانستان
وفي عام 1982، قرّر الشيخ اسامة بن لادن الدخول إلى أفغانستان للإسهام مباشرة في «المجهود الجهادي»، مشاركة كانت بداية من واقع خبرته في المقاولات؛ إذ عمد إلى إدخال معدات وجرارات وحفّارات لتمهيد الجبال وشق الطرق وإنشاء المعسكرات، إضافة إلى نقل السلاح والأموال والمقاتلين.
ومع بدء تزايد عدد المتطوعين العرب، كان على بن لادن الانتقال إلى الإطار التنظيمي الأوّل في عام 1984، حين أسّس «بيت الأنصار» في بيشاور، ليكون محطة أولية لاستقبال الآتين لـ«الجهاد» قبل توجههم إلى التدرب، ومن ثم نقلهم للقتال في أفغانستان، وذلك بالتزامن مع تأسيس الشيخ عبد الله عزّام «مكتب الخدمات» في بيشاور، حيث مثّل مع «بيت الأنصار» عمليّة تكاملية لرفد أفغانستان بالمقاتلين العرب والمسلمين.
تأسيس القاعدة
تطوّرت مشاركة الشيخ اسامة بن لادن في سنة 1986، حين قرر أن يتوسع في تنظيم العملية الجهادية ويكون له معسكراته وخطوط إمداده، وتمكن من تشييد ستة معسكرات. ومن ذلك العام إلى عام 1989، تاريخ الخروج السوفياتي من أفغانستان، برز اسم بن لادن «قائداً للمجاهدين العرب».
بلور أسامة بن لادن عمله في أفغانستان بإنشاء سجلات «القاعدة» لتسجيل بيانات المجاهدين، وانضم إليها المتطوّعون من «مركز الخدمات» من ذوي الاختصاصات العسكرية والتأهيل القتالي، لتكون النواة الأولى لتنظيم «القاعدة» العالمي.
العودة إلى السعودية
وبانتهاء الحرب في أفغانستان، وانهيار الاتحاد السوفياتي، انتهت المرحلة الأولى من مسيرة «الجهاد» لأسامة بن لادن، الذي عاد ومعه آلاف من المقاتلين العرب إلى بلدانهم، حيث بدأ معظمهم بالعمل على مواجهة «الوجود الأجنبي في العالم الإسلامي». في مرحلة بدأت مع الحرب الأميركية على العراق، إثر غزو الأخير للكويت في عام 1990. حينها، هاجم الشيخ اسامة السعودية لسماحها بوجود القوات الأميركية على أراضيها، وأرسل رسالة طويلة إلى الملك فهد بن عبد العزيز، استهلها بعبارة «السلام على من اتبع الهدى»، وهي تحيّة يلقيها المسلمون على غير المسلمين. وطلب بن لادن من الملك فهد عدم الاستنجاد بالقوات الأميركية لإخراج القوات العراقية من الكويت، متعهداً بأن يفعل والأفغان العرب ذلك مع بعض الدعم المالي من الرياض، الرسالة كانت مفصليّة في علاقة بن لادن بالسعودية، ما أدى إلى خروجه منها في العام نفسه إلى السودان.
المرحلة السودانية
في الفترة بين عامي 1990 و1996، عاش زعيم تنظيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن في ضيافة الحكومة السودانية التي جاء بانقلاب قام به الإسلاميون بزعامة د. حسن الترابي عام 1989، دون أن يكون معروفا لدى عامة الشعب السوداني، في المرحلة السودانية، أسّس بن لادن مركز عمليات جديد، ونجح في تصدير أفكاره إلى جنوب شرق آسيا، والولايات المتحدة، وأفريقيا، وأوروبا.،وخلال تلك الفترة وقعت أحداث الصومال، وانفجار الرياض، وكانت كل المؤشرات تدل على وجود علاقة ما بينه وبين منفذي هذه العمليات خاصة أن هذه العمليات نفذتها مجموعة من “الأفغان العرب”.
بعد هذه الأحداث بدأت الحكومة السودانية تتعرض لضغوط عربية ودولية لإخراج أسامة بن لادن أو تسليمه، وفي 1996، طلبت منه الخرطوم أن يغادر البلاد تحت ضغط الأميركيين. في تلك الفترة أيضاً، اتهمته مصر بتمويل الأصوليين لديها، واتهمته صنعاء بتمويل تنظيم الجهاد الإسلامي في اليمن، أما السعودية فقد أسقطت عنه الجنسية في عام 1994 ، بعدها غادر الشيخ إلى السودان في سنة 1996، متوجّهاً إلى أفغانستان نتيجة علاقته القوية بجماعة «طالبان» التي كانت تسيّر أُمور أفغانستان والمسيطرة على الوضع في هذا البلد.
وهناك أعلن الحرب على الولايات المتحدة، بعد عملية الدمج التي حدثت عام 1998 مع أيمن الظواهري، الأمين العام لتنظيم الجهاد الإسلامي المصري ، وأطلق الاثنان فتوى تدعو إلى «قتل الأميركيين وحلفائهم أينما كانوا وإلى إجلائهم من المسجد الأقصى والمسجد الحرام».
بن لادن وأمريكا
من ذلك التاريخ لمع اسم «القاعدة» بقوة، ولا سيما بعد تفجيري السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام سنة 1998، التي بدأت معها المساعي الأميركية إلى اغتيال بن لادن، إلا أنه نجا من تلك العمليات، لتبدأ الملاحقة الكبرى في أعقاب هجوم الحادي عشر من سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، الذي اتهمت الولايات المتحدة بن لادن بتنفيذه، بشرائط مصوّرة يثني فيها على منفّذي الهجوم، ثم شريط آخر يتحدث عن مفاجأته من النجاح الباهر للعمليّة، قبل أن تبدأ مؤسسة «سحاب»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، ببث «وصايا» بعض الإخوة المنفذين.
وبدأت مرحلة جديدة من العلاقة بين الولايات المتحدة وأسامة بن لادن بعد هذا التاريخ؛ إذ شنت الولايات المتحدة حرباً على أفغانستان بذريعة ملاحقة الشيخ أسامة زعيم تنظيم «القاعدة»، بعدما رفضت حكومة «طالبان» تسليمه.
حرب لم تستمر طويلاً، سرعان ما سيطرت بعدها الولايات المتحدة والمعارضين الأفغان على البلاد، وأطاحت بحكم «طالبان»، لتبدأ ملاحقة بن لادن والظواهري في الجبال الأفغانية الوعرة، ولا سيما تورا بورا، التي أصبحت اسماً يطلق على كل منطقة يصعب الوصول إليها.
أختفى زعيم تنظيم القاعدة عن الأنظار بعد الحرب على طالبان والقاعدة في أفغانستان، وفي شريط مرئي بثته قناة الجزيرة في أكتوبر 2004، عرض الشيخ أسامة ابن لادن ولأول مرة أسباب إقدام القاعدة على توجيه ضربة للمباني في الولايات المتحدة، قائلا: “بعدما طفح الكيل بالمسلمين من إقدام إسرائيل على اجتياح لبنان سنة 1982، وما تفعله من أعمال إرهابية ضد المدنيين الأبرياء في فلسطين وماتشهده الساحة الإسلامية من انتهاكات إسرائيلية حيال الشعب الفلسطيني”.
وفي سبتمبر 2007، ظهر الشيخ في شريط فيديو له لإحياء الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، وفي رسالته للشعب الأمريكي فال بن لادن أن الولايات المتحدة عرضة للخطر رغم قوتها الاقتصادية والعسكرية.
وبعد ذلك ظهر في عدة تسجيلات منها للرد على الرسوم المسئية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتسجيلات أخرى يحث فيها المسلمين على مواصلة الكفاح ضد القوات الأمريكية في العراق بوصفه الطريق لتحرير فلسطين، وتسجيل آخر في مايو 2008 موجه للشعوب العربية موجها للحرب ضد إسرائيل إذ أكد خلاله أن الصراع الإسرائيلي هو لب معركة المسلمين ضد الغرب.
استشهاده
قُتل أسامة بن لادن فى 1 مايو 2011 خلال عملية على منزل كان يختبئ به ..شارك بها حوالي 25 جنديا من القوات الخاصة الأمريكية إلى جانب بعض العناصر من المخابرات الباكستانية ، وقتل رحمه الله بالرصاص بعد معركة قاتل فيها بشراسة قتال المجاهدين الأبطال و قتل أيضا أحد أبنائه البالغين وعدد من حراسه.